عيد الأضحى والذهب المدفون.. الجلود السودانية بين الإهمال والاستثمار

صناعة الجلود في السودان فرصة اقتصادية مهدرة
الذهب الحيواني الضائع.. هل نستفيق هذا العيد؟
بقلم: د. الفاتح يس
أستاذ جامعي وباحث في قضايا البيئة والاستدامة
يحل علينا عيد الأضحى المبارك، حاملاً معه فرصة اقتصادية غائبة عن الوعي الجماعي: الجلود، أو كما أُحب تسميتها “الذهب الحيواني السوداني”.
لعقود، لم تُحسن الدولة ولا المواطن التعامل مع هذا المورد الاقتصادي، رغم ما يمتلكه السودان من ثروة حيوانية هائلة ومراعٍ خصبة. وفي كل عيد، نشهد مشاهد مؤسفة لإهدار الجلود في الطرقات والميادين، حيث تتحول من مصدر للثروة إلى سبب للروائح الكريهة وانتشار الأمراض.
حتى قبل الحرب، لم تكن هناك خطة واضحة للاستفادة من الجلود، فكيف الحال الآن؟
لكن ورغم الدمار، يمكننا أن نعيد بناء هذه الصناعة الحيوية، بدءاً من أبسط مرحلة: الذبح السليم.
من الذبح إلى الدباغة.. سلسلة قيمة تبدأ من المواطن
الإخراج السليم للجلد أثناء الذبح يُقلل من فرص إصابته بالبكتيريا، ويُسهل معالجته. ثم تأتي المرحلة الثانية: الدباغة التقليدية، وهي حرفة ضاربة في عمق الثقافة السودانية، خاصة باستخدام نبات “القرض” وملح الطعام كمواد دابغة بيئية غير ضارة.
هذه الحرفة يمكن أن تتحول إلى صناعة حقيقية تُدار عبر “مدن حرفية للصناعات الجلدية”، يعمل فيها خريجو الجامعات والحرفيون، وتنتج منتجات جلدية قابلة للتصدير كالأحذية والشنط والإكسسوارات.
صناعة الجلود.. مستقبل اقتصادي حقيقي
في ظل انهيار الاقتصاد، وارتفاع البطالة، فإن الاستثمار في الصناعات الجلدية يمثل طوق نجاة:
✅ توفير آلاف الوظائف للشباب وخريجي المدارس التقنية
✅ رفع الناتج المحلي وزيادة حصائل الصادر
✅ دعم الجنيه السوداني بالعملات الصعبة
✅ استغلال بيئي آمن للنفايات الحيوانية
في ظل تقدم الجيش وتحقيق الانتصارات، آن الأوان لتغيير العقلية الاقتصادية وإعادة بناء السودان من موارده الحقيقية، وأحد أهم هذه الموارد هو الذهب الحيواني.
الختام:
الاستثمار في الصناعات الجلدية ليس رفاهية، بل ضرورة وطنية.
عيد الأضحى هذا العام فرصة جديدة للتغيير، فلنبدأ بالذبح السليم والدباغة في المنازل إن تعذّر التصنيع، ولنحول الجلود إلى عائد اقتصادي لا إلى نفايات تُرمى وتُنسى.