مقالات الرأي

د. الشفيع خضر سعيد يكتب – السودان في مهب الريح… هل يتهدده التفكك أم يتجدد الأمل؟

متابعات الخرطوم نيوز

أزمة وطنية ممتدة منذ الاستقلال… والأسئلة الكبرى ما زالت بلا إجابات

منذ لحظة استقلاله، وُلد السودان مثقلاً بتناقضات داخلية لم تُحل، وأسئلة مصيرية لم تُجب. ظلت هذه التحديات تُراوح مكانها لعقود، وتفاقمت مع الوقت حتى أصبحت تهدد وجود الدولة السودانية نفسها. واليوم، في خضم الحرب المستعرة، بات السؤال الجوهري هو: هل يمكن للسودان أن يبقى موحدًا، أم أن خطر التفكك بات وشيكًا؟

بحسب إحدى الأوراق البحثية الدولية التي ناقشت مستقبل السودان، فإن البلاد وُلدت وهي تحمل في داخلها بذور أزمات كبرى: الهوية، وطبيعة الدولة، والعلاقة بين الدين والسياسة، وشكل الحكم المناسب لها. وقبل سبعين عامًا، كانت الأسئلة المحورية تدور حول ما إذا كان السودان يجب أن يكون دولة واحدة أم دولتين، علمانيًا أم إسلاميًا، ديمقراطيًا برلمانياً أم سلطويًا. انفصال جنوب السودان أجاب عن أحد هذه الأسئلة، لكنه لم يضع نهاية لبقية المعضلات، بل فجرها على نحو أكثر تعقيدًا.

السودان وسؤال الدولة: هل فات الأوان؟

في نظر د. الشفيع خضر، فإن جوهر الأزمة السودانية هو غياب مشروع وطني جامع يجيب عن سؤال: كيف نبني دولة سودانية موحدة على أسس الاعتراف بالتنوع والعدالة والمواطنة المتساوية؟ فالسودان ليس مجرد بلد متعدد الأعراق والثقافات والديانات، بل هو بلد يحتاج إلى نظام حكم يُنظم هذا التنوع، لا أن يقمعه أو يتجاهله.

يضيف الشفيع: “ما لم تتم الإجابة على أسئلة تأسيس الدولة، فالسودان سيبقى عالقًا في دوامة الانهيار. فالمعضلات لم تكن يومًا في الطبيعة الاجتماعية للشعب السوداني، بل في المعالجات السياسية القاصرة والخاطئة التي مارستها الأنظمة المتعاقبة، مدنية كانت أو عسكرية”.

من الحرب الأهلية إلى خطر الانقسام

لقد عايش السودان أكثر من حرب أهلية، أبرزها تلك التي انتهت بانفصال جنوب السودان عام 2011، يتكرر السيناريو بصورة أكثر خطورة، مع احتمال تصاعد النزعات الانفصالية في مناطق أخرى من البلاد، لا سيما دارفور والنيل الأزرق.

وهنا يحذر د. الشفيع من أن ما يحدث الآن ليس مجرد نزاع مسلح، بل هو مؤشر خطير على تفتت النسيج الوطني السوداني، وانهيار مؤسسات الدولة، واستمرار فشل الطبقة السياسية في بناء عقد اجتماعي جديد.

هل التنسيق الدولي كافٍ لإنقاذ السودان؟

تقترح بعض المبادرات الدولية تنسيقًا بين الأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي، والإيقاد، وجامعة الدول العربية لإنهاء الحرب في السودان. لكن، وفق رأي الشفيع خضر، فإن هذا التنسيق لن يُثمر إلا إذا ارتكز على أسس واقعية وملموسة، تبدأ بـ:

1. وقف تدفق السلاح .


2. تكثيف المساعدات الإنسانية للمناطق المنكوبة.


3. حماية المدنيين ومحاسبة المتورطين في الانتهاكات.


4. دعم القوى المدنية الساعية للسلام والتحول الديمقراطي.



أما دون ذلك، فستبقى المبادرات مجرد “دبلوماسية ناعمة” لا تلامس جوهر الأزمة السودانية.

بين التفكك والفرصة الأخيرة

يرى الشفيع خضر أن السودان أمام مفترق طرق تاريخي: فإما أن يُستغل هذا الانهيار الكبير كنقطة انطلاق نحو مشروع وطني جديد يضع الأسس الفعلية لدولة ديمقراطية مدنية، تعترف بتعددها، وتضمن العدالة والتنمية والتوزيع العادل للسلطة والثروة… أو أن يواصل الانحدار نحو التفكك الكامل.

الوقت ليس في صالح السودان. وإذا لم تتحرك القوى المدنية، والمجتمع الدولي، وأصحاب المصلحة الحقيقيين بسرعة وبحكمة، فإن ما تبقى من الدولة السودانية قد يتآكل، ليس فقط جغرافيًا، بل أيضًا اجتماعيًا وثقافيًا.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى