إبراهيم شقلاوي يكتب.. تحديات الأمن المائي في ضوء خطة رئيس الوزراء

متابعات الخرطوم نيوز
في ظل المتغيرات التي يعيشها السودان في مرحلة ما بعد الحرب، تبرز قضية الأمن المائي كواحدة من أخطر التحديات التي تواجه البلاد، وأحد المفاتيح الجوهرية لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة.
في خطابه الأخير، أشار رئيس مجلس الوزراء، الدكتور كامل إدريس، إلى أهمية إعادة هيكلة مؤسسات الخدمة العامة، وهي دعوة تتطلب ترجمة فعلية تبدأ من ملفات استراتيجية مثل المياه. فالأمن المائي لا يتعلق فقط بالشرب أو الري، بل يرتبط بالصحة العامة، والغذاء، والطاقة، والأمن القومي.
رغم أهمية هذا الملف، يواجه السودان مجموعة من التحديات المتشابكة، أبرزها: الاستغلال غير المنضبط للمياه الجوفية، انهيار البنية التحتية، وتراجع معدلات الأمطار بفعل التغير المناخي. ووفقًا لتقارير برنامج الأمم المتحدة للبيئة، فإن السودان من أكثر الدول تأثرًا بالتغيرات المناخية في المنطقة.
وفي وقتٍ تعزز فيه دول الجوار رؤاها الاستراتيجية، أطلقت إثيوبيا سياسة وطنية شاملة للمياه والطاقة تمتد لعشرين عامًا، تقوم على الشفافية والعدالة والشراكة. وتم إعداد هذه السياسة بمشاركة فعّالة من المجتمع المدني والقطاع الخاص، في نموذج جدير بالتأمل.
على النقيض، يفتقر السودان حتى اللحظة إلى رؤية وطنية متكاملة للمياه، الأمر الذي يُضعف موقفه في ملفات إقليمية مصيرية، مثل سد النهضة، ويجعله عُرضة لضغوط التغيرات المناخية والتحولات الإقليمية.
إن صياغة سياسة مائية وطنية، تأخذ في الاعتبار واقع الموارد والتحديات البيئية، باتت ضرورة وطنية عاجلة. ويجب أن تتكامل هذه السياسة مع برامج السلام والتعافي التي يقودها رئيس الوزراء، بما يعزز من قدرة الدولة على حماية مواردها، وتمكين مواطنيها، وتحقيق الاستقرار على المدى الطويل.
الماء، اليوم، لم يعد مجرد مورد طبيعي، بل أصبح بوابة نحو السيادة، والتوازن الاجتماعي، والاستقرار السياسي. وإذا لم يتحول الأمن المائي إلى أولوية استراتيجية في مشروع الدولة الجديد، فإن السودان سيظل رهين أزمات متكررة تهدد وجوده وتنميته معًا.