اخبار

صفقة القرن الاقتصادية: ماذا يريد إدريس من السعودية؟

تُشكّل زيارة رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، إلى المملكة العربية السعودية محطة مفصلية في مسار السياسة الاقتصادية السودانية، خاصة في ظل الأزمة الراهنة التي تمر بها البلاد. هذه الزيارة التي بدأت في 15 سبتمبر 2025 تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، وفتح آفاق جديدة للتبادل التجاري والاستثماري. وفي ظل التطورات الأخيرة التي شهدتها العلاقات مع بعض الشركاء الإقليميين، تسعى الحكومة السودانية في بورتسودان لإيجاد بدائل استراتيجية تضمن استقرار الإمدادات وتأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين.

تتركز المباحثات التي أجراها رئيس الوزراء مع مستثمرين سعوديين ومسؤولين من اتحاد الغرف التجارية بالمملكة على إمكانية إبرام اتفاقيات مباشرة لتأمين السلع الأساسية. وتشمل هذه السلع الوقود والمواد الغذائية والمستهلكات الحيوية، والتي تُعتبر ضرورية للحفاظ على الحياة اليومية للمواطنين. تأتي هذه الخطوة في أعقاب قرار الإمارات بوقف تصدير المشتقات النفطية والسلع إلى السودان، وهو ما وضع الحكومة السودانية أمام تحديات كبيرة في تأمين احتياجاتها.

وقد أثر قرار أبوظبي بشكل مباشر على الاقتصاد السوداني، حيث كان السودان قد استورد بين عامي 2024 و2025 مشتقات نفطية من الإمارات بلغت قيمتها نحو 1.5 مليار دولار. لذلك، تتوجه أنظار الحكومة السودانية الآن إلى المملكة العربية السعودية، التي تُعد أحد أهم الخيارات البديلة لتأمين السلع الأساسية.

توقعات اقتصادية لمخرجات الزيارة

يرجح محللون اقتصاديون أن تسفر الزيارة عن اتفاقيات واسعة النطاق، لا تقتصر فقط على إمدادات الوقود والسلع الحيوية، بل قد تمتد لتشمل دعمًا سعوديًا في جهود إعادة إعمار العاصمة الخرطوم التي تضررت بفعل الصراع. كما يُتوقع أن يتم التوصل إلى تفاهمات بشأن استثمارات سعودية في القطاعات الزراعية والصناعية، مما يسهم في دفع عجلة التنمية في السودان.

تُعتبر المملكة العربية السعودية وجهة رئيسية لصادرات الذهب السوداني، وهو أحد أهم مصادر النقد الأجنبي للبلاد. لذلك، ترى الحكومة السودانية في الرياض شريكًا رئيسيًا في تأمين احتياجاتها، وتأمل في أن يؤدي هذا التعاون الاقتصادي إلى تعويض النقص في الموارد وتأمين الاحتياجات المتزايدة للمواطنين.

ملفات أخرى على طاولة النقاش

إلى جانب القضايا الاقتصادية، من المتوقع أن يناقش رئيس الوزراء السوداني مع المسؤولين السعوديين ملفات أخرى ذات أولوية قصوى. وتشمل هذه الملفات استئناف الطيران المدني من مطاري الخرطوم وبورتسودان، بالإضافة إلى بحث الترتيبات الخاصة بعودة السودانيين المقيمين في السعودية بشكل طوعي، وهو ما يمثل أولوية للحكومة السودانية في هذه المرحلة.

خلال لقائه برئيس اتحاد الغرف التجارية بالمملكة، حسن بن معجب، طرح كامل إدريس رؤية الحكومة السودانية لتوسيع مجالات التعاون بين القطاعين العام والخاص في البلدين، مؤكدًا على أهمية تعزيز الاستثمارات السعودية في مشاريع البنية التحتية، والطاقة، والزراعة، والقطاع الصناعي.

تطور ملحوظ في العلاقات الثنائية

يشير المحلل الاقتصادي والباحث في قطاع الطاقة هاني عثمان، في حديثه لـ “الترا سودان”، إلى أن العلاقات السودانية السعودية شهدت تطورًا ملموسًا خلال العامين الماضيين. وأضاف أن الحكومة السودانية تأمل في دفع السعودية للاستثمار بشكل أكبر في الزراعة والصناعة، مما يساهم في تحقيق استقرار اقتصادي طويل الأمد.

تأتي زيارة كامل إدريس إلى المملكة في توقيت بالغ الأهمية، حيث تسعى الحكومة السودانية إلى تثبيت ركائز اقتصادها وإيجاد شركاء جدد بعد التحديات التي فرضتها الأوضاع الإقليمية. وتُعتبر السعودية، بما تمتلكه من قدرات استثمارية وموارد مالية، أحد أهم الشركاء القادرين على دعم السودان في تجاوز أزماته الحالية.

نحو شراكة استراتيجية شاملة

يرى مراقبون أن المباحثات السودانية السعودية ليست مجرد لقاءات اقتصادية، بل تحمل في طياتها أبعادًا استراتيجية على المديين المتوسط والطويل. فالتعاون بين الخرطوم والرياض يمكن أن يتجاوز التجارة ليشمل مشاريع إعادة الإعمار والتنمية المستدامة، وهو ما يجعل هذه الزيارة نقطة تحول في مسار العلاقات بين البلدين، ويؤكد على أن الحكومة السودانية تسعى لبناء شراكات حقيقية تعود بالنفع على مواطنيها.

لمتابعة كافة أخبار السودان والتغطيات أولاً بأول من مصادر موثوقة وبتحديثات فورية تابع قناة الأخبار على الواتساب اضغط هنا

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى